مرسيل خليفة وحيدا مع العود والذاكرة

النهار
"في بالي أغنية" عنوان يختصر ما سيقدمه الفنان مرسيل خليفه في حفلته المرتقبة ليلة الرابع والعشرين من آب ضمن مهرجانات بعلبك الدولية لهذا العام، حيث سيقدّم أغاني من الذاكرة لم يفصح عنها أو عن برنامجه الموسيقي، تاركاً للجمهور أن يتوقّع بعضاً من المفاجآت المخصّصة لهذه الحفلة. لكن مرسيل الذي قبل هذا التحدّي الثقافي والفني الكبير في مهرجانات بعلبك رغم "نزوحها" بسبب الأوضاع الأمنية في بعلبك إلى أحد الأماكن الأثرية في جديدة المتن "La magnanerie"، كان قبل أن تنتقل المهرجانات إستثنائياً إلى بيروت قد قرّر أن يغني منفرداً مع العود من دون أية مصاحبة آلية أخرى. ففي تحدّ موسيقي حقيقي منه اختار أن ينفرد مع عوده بعيداً عن الأوركسترا منذ دعوته إلى المهرجان إذ كان سيقدم الصيغة الموسيقية نفسها وسط الأجواء الساحرة لمعبد باخوس.

لعل ذلك عود على بدء لمرسيل الذي قدّم لمشاركته في بعلبك بكلمات أكثر قسوة يعبّر فيها عن أسفه أمام المتغيرات، عن معاني الإنسان والوطن التي دافع عنها في فنه والتي استشهد من أجلها الشهداء ويراها تنهار أمام الطائفة والقبيلة. مرسيل صبّ غضبه على التمزق والتشرذم والطبقة السياسية وعلى الإحباط الثقافي الكبير. من هنا ستبدو حفلته رسالة العودة إلى تلك القيم، حيث كان ينفرد مع عوده مغنياً "ريتا والبندقية" و"في البال أغنية" و"منتصب القامة أمشي" وغيرها من أغان رافقت الوجدان الوطني للجمهور.
مرسيل وهو واحد من أهمّ عازفي العود في العالم، أصاب كثيراً في خياره الذكي بمداعبة ذاكرة جمهوره، تلك الذاكرة الشعبية المنحازة بصورة تاريخية إلى توأمته مع كلمات محمود درويش ومع نبض العود، تلك الآلة الأكثر قرباً من وجدان الناس وأولئك الفقراء الثوريين الذين يريدون رغم كلّ شيء أن يتمسّكوا بأحلام الماضي. جميل أن يعود مرسيل هذه المرّة بعيداً، نوعاً ما، عن الثراء الموسيقي الذي يحقّقه مع أهم فرق الأوركستر والأوركسترا السمفونية على مسارح عربية وعالمية، ليخاطب مع عوده الوجدان الشعبي الذي ولد من رحمه.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق