فلم استغاثة من العالم الآخر...أحد أعمال الراحلة الكبيرة معالي زايد


كتب فراس الور
رَحِمَ الله الفَنَانَة معالي زايد، فَقَدْ كانت مِنْ الفنانات اللاتي تَرَكْنَ بَصْمَة لدى الجَماهير في الوَطَنْ العربي و في السَاحَة الفنية المِصْرِيَة، شَاهَدْتُ لها عِدَة افلام فكانت مَوْهوبَة جدا حيث قَدًمَتْ أدوار جريئة مَعْ عَمَالقة السينما المِصْرِيَة، في حقيقة الأمر سَمِعْتُ بِخَبَر وفاتها فور وُرودِهْ لِلْصُحُفْ، و قد تأثرت كثيراً حيث عِشْنَا مَعَهَا رحلة طويلة مِنْ الإنجازات الحلوة و الخالدة، و لكن حينما شَاهَدْتُ خَبَرَ وفاتها و صورتها على بوابة روز اليوسف دَمَعَتْ عيناي...شَعَرْتُ انً صورتها سَتَنْطِقْ مِنْ بَسْمَتِهَا التي كانت تَشِعُ بالحياة و الأَمَلْ و الإشراق...شَعَرْتُ و كأن صورتها ايقونة تُذَكِرَنَا بفنانة كانت تُطِلُ علينا مِنْ الشاشة من حين لآخر لِتَتَكَلًمْ معنا من خلال الدراما و التمثيل...تَتَكَلًمْ معنا من خلال مَوْهِبَة أتحفتنا بها بأجمل الأعمال على الإطلاق...مَوْهِبَة حُلْوَة رسمت البسمة على شِفَاهِنَا عام وراء عام فَقَدْ شَابَ شعرنا و نحن نُتَابِعْ هَذِهِ الأعمال القيمة في السينما المصرية و نَكْتُب عنها النقد البناء...لِذَلِكَ حينما يَتْرُك فنان عالمنا الإنساني يَعِزُ علينا هذا الفراق...و لكن المَوْتُ حَقْ علينا كبشر و هذه إرادة الله في هذه الرِحْلَة الآدمية التي نَمُر بها و نَحْنُ بطريقنا الى جنة الله الخالدة، رحمها الله و نَسْأل الله حُسْن العزاء لذويها و أهلها و جمهورها،  

من الأفلام التي استمتعت بها فلم استغاثة من العالم الآخر، فِلْم "إسْتِغَاثَةْ مِنْ العَالَمْ الآخَرْ" لَرُبَمَا يَكونْ أفْضَلْ ما انْتَجَتْ السينَمَا المِصْرِيَة على الإطْلاقْ مِنْ فِئَةْ الرُعب، فَيَجْمَع ما بَيْن الرُعْب و التَشْويق بِصورَة نَاجِحَة جدا، و مِنْ باب تَقَني و فَني لا يَجْدُر تَصْنيفُه بِفِلْم رُعْب فَقَطْ بَلْ طَبيعَة مَشَاهِدَهُ توحي انًهُ يَنْدَرِجْ تَحْتَ مُسَمى التَشْويق المُرْعِبْ (horror suspense) ...فَيَتَعَامَلْ مَعْ عَالَمْ الماورائِيَات الغَامِضْ عَنْ البَشَرْ الذي يَمُدَ يَدَهُ فَجْأَة كاسراً كُلً الحَواجِزْ المَوْجودَة بَيْنَنَا و بَيْنَهُ لِيَتًصِلْ بِفَتَاة مِسْكينَه تَتَمَتًعْ بِقُدْرَةْ حَاسًة سَادِسَة نَشيطَة جِداً و غَيْر طَبيعِيَة لِيُخْبِرَهَا بِتَفاصيل تَقودْ لِجَريمَةِ قَتْل...إنًهَا روح مُعَذَبَة لِدُكْتور تَمً قَتْلُه بِصورَة مُريبَة مِنْ قِبَلِ اقْرَبْ النَاس لَهُ فَتَلْجَئ الروح لِلْبَطَلَة (الفنانة بوسي) التي تكون واحِدَة مِنْ مَرْضَاه الذي عَالَجَهَا مُنْذُ فَتْرَة لكي تَكونْ وَسيلَةَ اتِصَال مَعْ عَالَمْ البَشَرْ و لِتَكْشِفَ تَفاصيل الجَريمَة البَشِعَة لِتَأْخُذْ العَدالَةِ مَجراها، و تأتي التَفَاصيل لِلْبَطَلَة عَنْ طريق كوابيس مُخيفَة مُتَلاحِقَة في كُلْ لِيْلَة تُرْعِبَها لِدَرَجَة انًهَا تَحُثُها لِلْبَحْث وراء مَعْنَاها، فَتَجِدْ نَفْسَها البَطَلَة مُتَوَرِطَة مَعْ مَافْيَا ذات نوايا خَبيثَة تَنْجَحْ بِلَصْقِ التُهْمَة بِهَا اثْنَاء بَحْثِها لِحَل رُموز تِلْكَ الكوابيس، فَيَتًضِحْ مَعْ مَشَاهِدْ الفِلْم و مُجْرَيَاتِهْ انً لِلْدُكْتور إبْنَة و والِدَتُهَا الحَقيقِيَة كانَتْ قَدْ تَوَفًتْ مُنْذُ فَتْرَة بِمَرَضٍ نَفْسي كَبيرْ كَمَا كان الحَالْ مَعْ جَدَتِهَا، فَيَتَزَوًجْ مِنْ إمْرَأة ذات نوايا خَبيثَة (الفنانة معالي زايد) مُعْتَقِداً انً وُجودَهَا سَيَجْلِبْ الإسْتِقرار لإِبْنَتِهْ، ولَكِنْ سُرْعَانَ ما يَكْتَشِفُ خِيَانَتَهَا لَهُ مِمَا يَدْفَعَهُ لِمُحَاوَلَةِ حِرْمَانَهَا مِنْ الميراث الشَرْعي، و هُنَا تَنْجَحُ بِقَتْلِهْ مَعْ شَريكْ خَفي عَنْ الأَنْظَار حَيْثُ تَعِدَهُ بالزواج بَعْدَ انْ يَتِمْ تَقْسيم الميراث حَسَبِ القانون، و مَعْ قُدوم آخِرْ مَشَاهِدْ هذا الفِلْم يَنْجَحْ البَطَلْ (الفنان فاروق الفيشاوي) و البَطَلَة (الفنانة بوسي) بأيقاف هَذِهِ المافيا عِنْدَ حَدِها و تَسْليمِها لِلْعَدالَة، 

عامِلْ التَشْويق المُرْعِبْ بِهَذا الفِلْم كَتَرْكيبَة فَنِيَة و أدَبِيَة يَتَلازَمَا بِنَجَاح بِأَوًلْ مَشَاهِدَهُ حَيْثُ تَتَكَرًرْ الكوابيس لِلْبَطَلَة بِصورَة مُخيفَة، فَمَشَاهِدَهُ حينها تُسَبِبْ التَوَتُرْ الشَديد و الرُعْب لِلْمُشَاهِدْ خُصوصاً مَعْ إشْتِداد الضَغْطْ التي تُمَارِسَهُ الروح على البَطَلَة، و لَعَلًها تَصِلْ لِلْذُرْوَةِ حينما تَتَعَدا الروح جَسَدِياً على البَطَلَة و تُمْسِك بِيَدِها، و المُؤَكًدْ أنًهُ تَقْريباً في مُنْتَصَفِ الفِلْم بَعْدَ انْ تَتًضِحَ بَعْض مِنْ الأَلْغَاز عِنْدَ البَطَلْ و البَطَلَة و تَتًضِحْ نوايا القَتَلَى يَخْتَفي عامِلْ الرُعْب كُلِياً لِيَبْقى عامِلْ التَشْويق فَنَرَى مَشَاهِدْ شَيِقَة جداً حَيْثُ يَتَحَوًلْ البَطَلْ الذي يَعْمَل مُحَامي الى مُحَقِقْ يَتَعَقًبْ المُجْرِمينْ لِيُسَلٍمَهُمْ الى العَدالَةِ و يُنْقِذْ البَطَلَة مِنْ تُهْمَةِ القَتْل، 

الحَقيقَة أنً مِقْدار الرُعْب في هذا الفِلْم مَحْصور بالكوابيس التي تَراها البَطَلَة فَلِذَلِكَ يَتَمَتًعْ بإتزان حَقيقي بَيْنَ المَادَتان الأَدَبِيَاتان التي يَتَأَلًفْ مِنْهَا، فَهُوَ كَمَا اسْلَفْت مَزيجْ مِنْ التَشْويقْ المُرْعِبْ فَإخْتِفَاء عَامِلْ الرُعْب مِنْ الفِلْم بَعْدَ مُنْتَصَفِ احْداثِهِ لِتَبْقى مَادَة التَشْويق سَيِدَةَ المَوْقِفْ لَهُوَ اسْلوب اضْفَى قيمَة نَادِرَة جِداً عَليهْ كَعَمَلْ درامي فَيَبْقَى المُتَفَرِجْ بِتَرَقُب كَبير لِمُجْرَيَاتِهِ لِيَرى إذا سَيَنْجَح الأَبْطَال بالإمْسَاك بالمُجْرِمينْ الذين ارْتَكَبوا هذا العَمَلْ، هذا الفِلْم مَادَة دَرامِيَة نَاجِحَة بِكُلْ المَعايِرْ و مُنَاسِبْ لِلْمُتَفَرِجين فَوْق سِنْ 18 عام و لا يُنْصَحْ بِهِ لِمَرْضى القَلْب و ضَغْطِ الدَمْ و ذَوي القُلوبْ الحَسَاسَة و المَشَاعِرْ المُرْهَفَة...،

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق